طالبان وتقنين الشعر.. بين الإبداع والرقابة

كابل

– في بلد ارتبط اسمه بالشعر منذ قرون، وتحولت أمسياته الأدبية إلى فضاء للتعبير الشعبي والنقد السياسي والاجتماعي، وجدت هذه الفعاليات نفسها اليوم أمام قيود غير مسبوقة. فقد أقرت حكومة طالبان قانونا جديدا ينظم الأمسيات الشعرية في أفغانستان، فارضا على الشعراء “تنقية” قصائدهم من موضوعات مثل الحب الوهمي، والصداقة بين الجنسين، وانتقاد القيادة، وواصفة أفكارا قومية ونسوية وديمقراطية بأنها “غير إسلامية”.

 

ويأتي هذا القانون في وقت تشهد فيه البلاد تغييرات واسعة على المستوى الثقافي والاجتماعي، مع سعي السلطات لضبط المحتوى الأدبي والفني وفق ما تصفه بالقيم الإسلامية، وهو ما يضع الشعراء والمثقفين أمام تحد كبير بين الالتزام بالقانون وممارسة حرية التعبير.

 

القانون الذي صدّق عليه زعيم الحركة “الملا هبة الله أخوند زاده” ونُشر في الجريدة الرسمية، ينقل الأمسيات الشعرية من كونها منابر للتنوع الثقافي والتعبير الحر إلى فضاءات تخضع للمراجعة المسبقة والرقابة المباشرة من وزارتي الإعلام والثقافة والأمر بالمعروف، وهو ما أثار جدلا واسعا في الأوساط الأدبية والحقوقية. ويرى مثقفون أن هذه الخطوة تُهدد تقليدا أفغانيا راسخا لطالما شكّل متنفسا للمجتمع في مواجهة الأزمات.

 

وتُعد الأمسيات الشعرية في أفغانستان من أعرق التقاليد الثقافية، إذ لعبت على مدى عقود دورا في نقل هموم المجتمع والتعبير عن القضايا الاجتماعية والسياسية، وكانت منصات لتبادل الأفكار والانتقاد السلمي للسلطات. ومع صدور هذا القانون، يبرز سؤال مهم: هل ستتمكن هذه التقاليد الأدبية من البقاء حية في ظل القيود الجديدة، أم أن الإبداع الشعري سيتحول إلى أداة للرقابة الرسمية؟

وينص القانون الجديد على أن جميع القصائد التي تُلقى في الأمسيات الشعرية ستخضع لمراجعة مسبقة من لجنة مشتركة تضم ممثلين عن وزارة الإعلام والثقافة، ووزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إضافة إلى مجلس العلماء. وتُكلف هذه اللجنة بتصفية الأشعار من “المضامين السلبية” وإضافة ما تراه “إيجابيا”، مع تسجيل الأمسيات رسميا ونشر محتواها لاحقا في قنوات محددة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى